على غير العادة أيقظني مؤذن الفجر .. ميكروفونات الصلاة تختلط بأصوات الأتوبيسات المسرعة لتلحق ورديتها الأولى. صوت رواد المقهى ما زال مرتفعا .. الخطوات المكتومة للحاجة صاحبة البيت تنزل السلم لصلاة الفجر بالمسجد القريب.. الخطوات الحادة للكآبة تنغرس بالقلب كإبر رفيعة.. كلما اقتربنا من النهاية زادت التقوى.. أحاول تخيلها في شبابها.. أيام مجدها .. ذكرياتها في الحي.. شبرا البيت والوطن أحتويها وتحتويني حتى النخاع..
قبل أن أجد هذه الشقة لي ولها .. عشت على أطراف القاهرة.. أركب مع أحمد عبد الناصر المقيم بها سيارته الصغيرة في طريق العودة.. أترك أحمد في شارع شبرا وأسير مستنشقا الروح العتيقة للحي القديم وأكمل مشواري اليومي باتجاه التحرير..
نمت ساعتين ورغم ذلك رفعت الغطاء بنشاط غير عادي .. بداية يوم أحسه مختلفا رغم إحساس الكآبة الذي يحاول أن يخنق القلب ولا أعرف السبب.. لم أجهد نفسي في البحث عن الشبشب.. لامست قدماي البلاط البارد خلال فتحات الكليم الواسعة .. كليم بني باهت ممزق كل ما تبقي لي من أشياء والدتي القليلة القديمة .. حرصت على أن يكون معي بحجرة نومي .. أجلس عليه ممددا ساقي كما كانت تفعل رحمها الله..
* * *
فتحت لها الباب وابتعدت قليلا .. أحب قفزاتها إلي .. تجري قليلا وقبل أن تلامسني تترك قدميها تحتكان بالأرض بحركة طفولية فاتحة ذراعيها لتعتصرني بشغف .. حضن نذوب فيه ..تخترق رائحتها كل خلايا إحساسي..مزيج لذيذ من رائحة جسدها وعطر خفيف.. كل جزء منها أحفظ رائحته.. الغريب أن أول ما يوقظ اشتياقي تذكري لتلك الروائح.. ألمح باب الشقة مفتوحا .. أسير بها محتضنها أغلق الباب مسندا ظهرها عليه ونحترق...
كالعادة تتحجج بألم أسنانها .. اشتكت من أن التقويم مازال يؤلمها فلا تستطيع الأكل .. قبل أن تأتي أعددت إفطارا متعدد الأصناف .. رغم جوعي لم آكل .. أقنعتني أخيرا بأن أمضغ لها .. وأطعمها كصغار الطيور .. تعجبتِ من اندهاشي .. أشعر ببعض الغرابة إن جاريتها فيما تطلب .. قالت: أكلتك أنت وتستغرب أن آكل من فمك؟! أول الأمر حيرني منطقها .. لكنه العشق. أري نفسي كإناء يغلي بداخله الماء ولا يجد البخار مكانا يتنفس منه حتى جاءت.. تلقاءيتها ومرحها كانا الثقب الذي لولاه لانفجرت.
* * *
خطوات نشيطة إلى المطبخ حرصت خلالها ألا أنظر لوجهي في المرآة الموجودة بالطرقة.. هذا الوجه الذي لازمني فوق الأربعين عاما ولم يتغير إلا في الثلاثة أعوام السابق.. أو لم أكن حينها أفكر فيه كما أفكر الآن.. لم أعلم مدي سوء ما وصل إله الوضع إلا حين استفسر مني شاب عن طريق مخاطبني بكلمة (حاج).. أيقنت ساعتها أنني غادرت محطات الأحلام ومحاولات التغيير.. وبدأ منحنى الهبوط.. أجول ببصري بأنحاء الشقة.. أعجز عن تفسير السبب الحقيقي لهجرها.. ما جعلها تقطع ذلك الخيط الحريري .. يرفض العقل أسبابها المعلنة.. لا أريد تعكير صفو اليوم .. لكني رأيت الوجه وجهي يبرز لي من عقلي.. وجه ممتلئ بصلعته اللامعة التي أحاول أن أخفف من تأثيرها علي منظري العام بشعر منكوش على الجانبين... ودائما ذقن غير حليقة غزاها الشعر الأبيض.
* * *
في أول لقاء لنا منفردين.. تأخرت ثلث ساعة.. وتحججت بحلاقة ذقني .. أصرت أن أعاهدها ألا أحلقها قبل أي موعد لنا!!!
كما لكل مدينة قلب وميدان رئيسي ... هبه المغربي .. ميدان تحريري .. كل طرقي تؤدي إليها وهي دوما فاتحة ذراعيها لتحتويني... طفلتي المتفجرة .. أمام الكافيتريا الشهيرة بميدان مصطفي محمود انتظرها .. يرن هاتفي فأرد وعيني تبحث عنها .. لا أعرف من أين ستأتي.. على البعد ألمحها مع صديقة لا أعرفها .. تسيران بمحاذاتي أتابعهما أثناء انشغالي بالهاتف .. ترن ضحكتها فأعرف أنها في موقف لا تعرف كيف تتخلص منه .. أخيرا تبتعد رفيقتها وتأتي هي مبتسمة متوهجة ..
- كانت تريد توصيلى.. ولم أدرِ كيف أعتذر لها..
ثم قالت بنفس الابتسامة:
- من؟
أقطب جبيني كأني لا أريد الطرف الثاني أن يسمعها.. وأختم كلامي بالهاتف بصوت عال:
- مع السلامة يا أستاذة
تدس يدها بيني وبين ذراعي وتسألني عن أخبار الأستاذة أختي.. أقترح الجلوس بالكافيتيريا.. تجذبني لنسير معا في الطريق لبيتها بالدقي.. يمضي معها الوقت دون أن أشعر.. تقف بطريقتها الطفولية مستندة على سيارة .. المكان مظلم سور نادي الصيد يمتد خلفنا.. يسيطر الخوف والقلق رغم سنواتي وكل ما اقترفته من آثام... يملأني حيائي الاجتماعي الذي أكرهه وأسحب يدها مبتعدا لمكان آخر مضاء ... أجلسها على مقعد المحطة الخاوية من الناس والمواصلات.. تصر أن تفتح حقيبتي لترى الأعمال الجديدة المطبوعة .. أعشق نظرتها الفاحصة المتأملة الناقدة لأعمالي .. أفرح كطفل عندما تثني على فكرة أو تصميم جديد .. تلمح تفاصيل التفاصيل .. وعندما أتحجج بأن بعض العيوب التي تلتقطها سببها طلبات العميل .. ترمقني بنظرة أمومية حانية لا تخلو من لوم.
* * *
أضع الكنكة على البوتاجاز, وأشعل سيجارة وبنفس العود أشعل البوتاجاز.. دقائق قلية مملة أمني نفسي فيها بقهوة مصنوعة باحتراف.. متعة من متعي القليلة هذه الساعة الصباحية مع القهوة والسيجارة.. أتذكر تحذيرات أمي المتكررة ودعاءها بأن أكره التدخين.. أعلم أنها متعتي الوحيدة وأوقن أيضا أنها ستكون سبب موتي قبل الأوان... وأدعو الله أن يكون موتا سريعا بدون تفصيلات العلاج المملة.. الأكواب مبعثرة منتشرة بكل مكان وأعقاب السجائر مرشوقة ببقايا التفل.. بقايا سهرتي وحيدا بالأمس .. عيناي على القهوة حتى لا تفور .. أبحث عن الكوب الزجاجي الصغير بينها فلا أجده. أخيرا وجدته جوار رجل الترابيزة بالصالة .. يأتيني صوت فوران القهوة من المطبخ معلنا أنني سأقف من جديد تلك الدقائق المملة .. رن صوت أمي داخلي بمثلين متناقضين : «دلق القهوة خير», «دلقوا القهوة من عماهم وقالوا الخير جاهم» .. رحمها الله كم حيرتني بما يحمل تراثها الشعبي من تناقضات... رفعت الكنكة من على النار ووضعتها بالحوض .. وأسندت رأس على يدي ومرفقي على الرخامة...(لابد للشاعر من نخب جديد وأناشيد جديدة).
* * *
ترهقني بسنينها التي تجاوزت العشرين بقليل.. أتركها تجول كما تشاء.. تحمل رسالة إسعادي أو إنعاشي إن شئت الدقة.. بعد الانتهاء تمنيت أن أنام في دفء وجودها.. مر عام على الزواج ولم نحظ بمتعة النوم ليلا أو نهارا معا.. غفوت لدقائق لا تزيد على العشرة..جلسنا على البلاط.. ظهرنا للحائط لتمتد الكلمات خيطا ناعما من الدفء الودود .. تسند رأسها علىّ.. ليس من عادتها البوح بما يسعدها.. فقط تسألني عن سعادتي.. لكنها حكت عن شعورها في تلك الدقائق العشر ماذا تكون الجنة إن لم تكن هذه اللحظات! وتعود أصابعها بحركاتها الصبيانية لتجول ماسحة جسدي .. لا أجد ما أقوله..أضحك مبينا عدم استطاعتي المعاودة ثانية.. بحركة من كفي وشفتي أتساءل كيف؟ تضحك بهيستريا وتقلد حركة يدي وأنا أتكلم.. لتصبح هذه الحركة مفتاحا للضحك في كل الأوقات.. لم تقلقني صراحتي.. لكن تقبلها لتعبي وعدم قدرتي على الاستمرار هو ما أثار دهشتي..
في اليوم التالي أتت ببعض الطعام .. مكرونة وفرخة مشوية .. المكرونة غارقة في بحر من الزيت ذي اللون الأحمر .. أخيرا وجدت ما أداعبها به حين تكرر مزحتها بتقليد حركة اليد.. صارت سعيدة بعشنا المؤقت الصغير... كل لحظة أشعر بدوام البيت ورسوخه بقلبها .. معها لا تهم التفاصيل الصغيرة .. معها أحب الله والناس .. الحياة بمتعتها وهمومها تختصر في عدة ساعات نعيشها معا.. كل لقاء أعيشه كأنه الأول .. أزيل الإيشارب فألاحظ التفاف حمالات المايوه خلف رقبتها .. لون مختلف .. أعشق تفكيرها فيما أحب من ألوان وموديلات.. تبحث عن الجديد في كل لقاء.. مفاجأة جديدة.. الغريب أني أتوقع ما ستفعله وترتديه.. رن الهاتف وطلب أخي رؤيتي حالا.. بصوته رنة غريبة لا أسمعها إلا في أوقات قليلة إما مرض أحد أو وفاته.. إذا هي دعوة صغيرة من أخي لحضور عزاء.. لم تبد غاضبة وكأننا قضيا شهرا معا ..تبخرما أستعد له من متعة.. ولم أعش لحظة المفاجأة بما جهزته.. استحثتني للخروج لأقابل أخي دون لحظة تأفف..!!
* * *
أطمأن على نقودي بجيب الجاكيت.. ألتقط البنطلون الجينز الأسود هو الوحيد الذي سيتحمل مشواري.. قمصان بدون كي في حقيبتي الصغيرة.. الشوارع في قمة استيقاظها .. ساعة عودة الورديات الليلة وخروج آخرين لبدء مشوارهم اليومي.. متي انتشرت هذه الفوضى في الميدان؟ أوراق متناثرة وأكواب بلاستيكية فارغة تحت المقاعد.. لم أعتد هذا الزخم الصباحي .. ألقيت بنفسي بأول ميكروباص متجه لرمسيس .. حتي رمسيس الشامخ بوقفته بميدانه لن أراه هناك.. انتقل ولم يبق للميدان سوي الاسم..
* * *
أول معرفتي بها جاءت مع صديقة تطلب تصميما لمشروع خاص بصاحبتها.. تكبرها صديقتها بعام, هي من ناقشني وكأنها صاحبة المشروع .. شرحها لموضوعه وما تريد أن تظهره جليا .. والطرح الشيق البسيط للفكرة .. تتمنى أن أبتكر لها شيئا مبهرا لم يرَ من قبل.. وتحاول أن تفجر بداخلي رؤيتها .. طمأنتها .. ما تعنيه تماما أشعر به ووصلني.. تساءلت ببعض الشك عن خبرتي بالعمل في مشاريع الكلية.. ضحكت وطمأنتها..
جاءت لتتسلم التصميم قبل الموعد بيوم.. وبدون صاحبة المشروع الأصلية.. فرحتها بالتصميم أشعرتني بأنها احتضنتني.
حينما أفكر في ترك هذا العمل بكل ما يحويه من تفاصيل كثيرة وقلق في كل مرحلة .. وكم الشد العصبي به وما لم أحققه بمجالي هذا.. تقول لي لولاه ما تعرفت بك .. أحاول إغراءها بصورة لقرية صغيرة ترقد في حضن جبل بالصعيد.. تمتد أمامها حقول خضراء.. نعمل أشياء بسيطة تكفينا مؤونة الطعام والشراب لنعيش ما بقي من أيام في هدوء..روحها المقاتلة لم توافق أفكاري المستسلمة .
* * *
حاولت تفادي جسد البنت على طرف المقعد.. جلست بينها وبين الراكب على شمالي جوار الشباك.. أقلقني بروز فخذها من البنطلون الجينز الضيق.. بلوزة صفراء ملتصقة بها تبين تفاصيل ملابسها الداخلية رغم حجابها! كانت في سن هبة تقريبا رغم الاختلاف البعيد في الهيئة.. تذكري هبة وهدوء الطريق أضفى لمسة من الإنسانية على وجوه الركاب.. امتدت أصابع السائق تعبث بالراديو ولما لم يجد ما يبحث عنه وضع شريط كاسيت وانساب صوت المقرئ الهادئ ليكمل لوحة السكينة...
* * *
الوحدة الطويلة علمتني ألا أتحدث كثيرا .. من أين لي كلمات لم يقلها أحد من قبل .. كل الحروف فقدت طزاجتها ومعناها بكثرة التكرار.. إلا مع هبة .. طعم الحروف متفجر .. كنت أتذوق للكلمات طعما لم أحسه من قبل.
«كنت أريده دومًا نَمِر .. فيجيء دومًا محضَ قِط» (نجيب سرور)
محاولاتها الضعيفة في كتابة الشعر.. ومحاولاتي المستميتة لتدريبها.. يوميا أرسل لها قصيدة لأمل دنقل أو صلاح عبد الصبور .. حواراتي معها برباعيات جاهين.. دون أن يطرأ أي تغير على طريقة كتابتها.. لا أستطيع إنكار قوة إحاسيسها .. وتحب أن تصف نفسها بكتلة مشاعر متحركة ولا أرى هذا كافيا للإبداع الشعري.. حين أرسلت لها قصيدة الطيور لأمل دنقل فاجأني في الصباح التالي صوتها يغني بالهاتف.. سعادتها بالقصيدة التي ألقاها عليهم الدكتور في محاضرة اليوم تفوق فرحتي بصوتها.. تحاول توصيل فرحتها بالقصيدة وإحساسها بأني من يلقيها عليها وليس الدكتور المحاضر.. بحثت عن القصيدة بصوت الشاعر على النت .. وأرسلتها في حينها.. صار الاندهاش روتينا يوميا لنا..
في سفرها الصيفي للساحل الشمالي نفضل المحادثة كتابة عبر الإنترنت على الكلام عبر الهاتف.. الدهشة لأننا بنفس الوقت نكتب نفس الكلمات بحذافيرها.. نفس كلمات العشق.. الأسئلة الإجابات.. نفس الحروف حتى المسافات الفارغة حين يعصرنا الشوق هي نفس المسافات.. البداية دهشة .. وصار أسلوبنا في الدهشة .. ألا نندهش.
* * *
في اندماجي مع صوت الشيخ المنساب .. (ألهاكم التكاثر.. ألهاكم التكاثر.. ألهاكم التكاثر).. فتحت الراكبة جواري حقيبتها وراحت تعبث بمحتوياتها حتي أخرجت خمسة جنيهات ورقية.. ناولتني إياها رغم كونها الأقرب للولد الجالس جوار الباب يجمع الأجرة.. التناقض بين هيئتها بجسدها المتفجر وبين كسوفها من دفع الأجرة للولد مباشرة.. حاولت أن أذوب في إحساس السكينة الذي بدأ يتلاشي .. وأتناسى هذه التفصيلات الصغيرة ليعود.
* * *
عام مر.. لم أرها خلاله.. أصر على الاطمئنان عليها فلا تملك إلا الموافقة .. على باب المطعم النيلي لم أحاول أن أمسك يدها ..خوفي من استيقاظ الجرح.. تعمدت السير خلفها متفحصا جسدها .. فقدت الكثير من الوزن .. الجيب السوداء أشيك كثيرا مما اعتدت عليه .. ملابسها دوما بسيطة متأنقة .. رؤيتها لم تحرك إلا ما استقر بقلبي من ألم لبعدها ... شعرت بها ابنتي المدهشة التي أريد أن أحتويها بحنان أبوي.. يهتز المكان مع موجات مركب عابر.. أمسكت كوب الشيكولاته الساخنة .. قلب داكن مرسوم بالشيكولاته الخام على الرغوة الوفيرة البيضاء.. القلب على كوبي مرسوم بتناسق منساب برقة.. وعندها أطرافه مهتزة مشوشة .. ضحكت معاتبة الجرسون فاعتذر بأدب وانصرف.. حتى الشيكولاته تعرف كيف تدلى برأيها فيمن يشربها. باغتتني بالسؤال عما بقي في رأسي من مواقفنا معا .. رأت صمتي ورأتنا معا نضحك وأنا أقبل جسدها .. ورأتني مركزا بشفتي على وردة صغيرة أسفل بطنها رسمت معها أول حرفين من اسمينا.. ورأت نفسها تحتضن قدمي وتقبلها بعشق.. رأت شفاهنا متلاصقة وأنا أطعمها.. كل ذلك رأته لحظة سؤالها.. فأسرعت : أقول لك .. لا تجب.. من دون كلمة وصلتها ردودي كلها.
* * *
طالت وقفتي أمام شباك التذاكر.. صف صغير يتحرك ببطء.. لم أشعر بلحظة ملل .. قارب الحلم على التحقق ... أغلب الواقفين تبدو عليهم علامات الطيبة ببشرتهم الداكنة..لا أحد يتذمر من طول الصف أو دخول رجل عجوز يطلب تذكرة متجاهلا الصف.. يفسحون له طريقا بين أجسادهم المتلاصقة ليعبر.. الحديث الدائر عن شراء التذاكر وصعوبته.. لا يكون بهذه السهولة في أيام الأعياد والمواسم.. مددت يدي للموظف الجالس كالسجين خلف الزجاج.. ارتعشت يدي وأنا أمسك التذكرة! جواز مروري لأيام مجهولة قادمة.. السيجارة تلفظ أنفاسها الأخيرة.. إغراء الصحف والمجلات لم يجذبني .. نائما سأقضي ساعات الطريق .. اشتريت علبة سجائر جديدة دسستها بجيبي.. وزجاجة مياه شربت أغلبها قبل أن أتحرك..جلست على أقرب مقعد, حركة المسافرين حولي تفصلني أكثر عن الزمن.. ضاعف الزحام وحدتي... أخرجت الهاتف وكتبت : لماذا لا أستطيع إخراجك من دمي؟ أتلفت حياتي .. لن أقدر على العشق بعدك.. قرأت الرسالة أكثر من مرة.. وبعد سيجارتين كاملتين ضغطت زر الإرسال.. تحركت ببطء أوقفت أول القادمين نحوي وسط زحام الرصيف لأسأله: أين رصيف قطار أسوان؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق