الأربعاء، 16 مايو 2012

من يوميات المشائين (3)


وقفوا فوق التلة كي لا يعبر فوجٌ آخر
منعوا المارين إلى مرج الزيتون
قالوا فتنة ..
ومؤامرةٌ ..
خبلٌ مجهول ..
صنعةُ ساحر
أو مسٌ حوّل همس المارين
لصراخ يهذي بجنون
بل هو داء
يخلع عمن بعد عن الخالق
صفة الإذعان … الإصغاء
يجعل من مسته اللوثة لا يوصف إلا بالمارقَ
حين اقتنع بخطبتهم بعض المستمعين..
الجوعى المهزومين
.. بدأوا يسترخون
صارت تلتنا متكئا..
المعبر للزيتون سياجا
حجرة نوم في بيت
وأنا مشتهيا أرنو للزيتون..
أحلم بالخبز .. مغموسا في قطرة زيت

الجمعة، 20 أبريل 2012

من يوميات المشاءين (2)

كتبهاAyman haiba ، في 25 مارس 2012 الساعة: 09:05 ص

 طوبى
للمتنحين إلى أطرافِ الصورة
اللونِ الأبيضَ وسْط قتامةِ لوحٍ أسود
للمشلولين.. العجزةِ .. 
         …. عرقِ الأرض… 
                          …حين يضاجعها اللافعل
طوبى للفارين من البؤرة
من دونهم .. يبقى المركزُ شخصًا معتوهًا أبله
..  يصرخ في صحراء
وأنا حولَهُمُ ..
أسرع من خطوي ..أجري, أتسارع 
            …. حتى أوشك أن أتحول لشعاعٍ ثاقب..
                                      … لأحدد شكل البرواز!

من يوميات المشاءين (1)


كتبهاAyman haiba ، في 25 مارس 2012 الساعة: 01:07 ص





يمشي وحده ..
ظهرا .. عصرا .. في كل الأوقات
لا يتبعه ظلٌ..
يرفع قدميه اليمني .. ثم  اليسرى.. ينظر تحتهما في إمعانٍ..
 يتلفت حوله
لا يجد الظل
يلجأ للحائط مكدودا يبكي
الأحجار الصماء تمدد ظلا في الناحية الأخرى
لا يدركه.. 
ينهار سريعا مفترشا فخذيه
تحت الأغصان المتشابكة لإحدى الأشجار الضاربة بعمق في أصل الأرض..
يجلس وحده
يقنع نفسه.. 
 أن الظل المفقود توحّد
في ظل الشجرة!

ديمقراطية

كتبهاAyman haiba ، في 8 أبريل 2012 الساعة: 22:06 م

  حدثني عن عاهرة حسناء

يرغبها كل رجال الأرض .. كل نساء


تُدعى ديمقراطية


وحين دفعتُ المعلوم


وارتدتُ بحار المجهول.. كي أحظى برضاها ورضاه


أطلق لحيته .. بسمته الصفراء بوجهي


أنبأني آن العهرَ حرام


كسحاقٍ آو لوطية!!

آخر الحواديت

كتبهاAyman haiba ، في 18 أبريل 2012 الساعة: 16:51 م

يااااااااااااه
على كم التفاهة والملل
اللي بيملا أخر الحواديت
كم الزهق …
ممزوج بحبر نهاية الحدوتة
آخرتها إيه؟! …. موتة

*     *    *
نفس الكلام مكرور
عن جدتي وجدي
عن يوم زفاف أمي
عن معجباني ف إيده ناي
وصدره يكتم آهه تتوزع ف ميت موال..
والنغمة من بِدعها
محبوكة كالنوتة
آهه تفجر صدره … تصرخ في البراح…  تملى البلد

تملا القلوب الخلا
بآهات بترسم ضل تحت التوتة
*    *    *
نفس الكلام بيدور

عن عيلين مفاعيص…
 بنت وولد
جلابية مهرية بلون بهتان
وبنطلون كستور
هو بصدره العاري والعضم اللي بان
هي…  بطلتها البهية تشع نور
خرطها خراط البنات قبل الأوان
ايده بتقْطَع لطعة من ع القطن
والتانية تعصر نبتة خضرا لسه بتحاول تشب ف صدرها
هما الايدين نفسهم

متشعبطين…ف قطر أكل العيش
على دكة قدام باب في حي قديم
والأكل سعره حساب مع  البقال… على النوتة
هي بتجري ورا العيال في الدار
كبرت ولسه ف قلبها …  إيده اللي ممدودة
سايبة ف قلب أخضر طري…
                              لطعة وكام دودة
*    *    *
كل الكلام اتعاد

كل الكلام اتقال
من يوم ما سِبتْ العيال
….. المنتشين باللعب بالاطواق
في تراب حارتنا القديمة
… وكبرت لي كام سنة
الحارة متسفلتة وأنا بسمع الحواديت
عن جدة تحكي عن جمالها اللي كان
وتقول لي :
  اللي قدامك دَاهِي مش أنا
حتى العصاية الخشب
ما بقتش تسندها
بتترعش إيدها
لما تحاول تترمي - من عجزها - ع السرير
*    *    *
نفس الكلام بالحرف والفكرة

وأنا لسه قاعد هنا
ف بيتنا … في الحي القديم شبرا
على كرسي أعرج خشب ..
في جيبي - غير حبة قروش مخرومين - 

موال ينغبش حيطة الذكرى
مَلّيت حكاوي العَجَز
والذكريات الخرس
وعملت من حلمي القديم رجلين خشب
ف طول عذاب العاشق المهجور
ف صعوبة الوقت اللي بيعدي….. كما ليل الحزين ..

… أطول كمان بميت مسا
مثلت دور البهلوان
لكن وياللعجب
ياللأسى
رغم الحيل والتعب
ما قدرت أنط السور

*    *    *
يا رب وأنا بنهج في سن الأربعين
وإيديا متقطعين .. ورجليني خشب
اديني طاقة أنط بيها السور
أهد بيها الجدار
أوصل نهاية السكة .. نقطة الانتهاء
دل الخطى
من بعد ما داب الاشتهاء واتمحى
على آخر المشوار
قبلن ما أكتب كلمة ف قصيدة
مرتبكة وملخبطة…  ووزنها مكسور
فكرتها عن كم التفاهة والملل
اللي بيملا آخر الحواديت

حبات من رمل


كتبهاAyman haiba ، في 2 أبريل 2012 الساعة: 23:17 م

  قد كنتَ كما أبدعك القادر
كنت كما أنت 
كيف لكلمات تتحرك فوق أثير الرغبة
أن تجعلك الآخر؟!


*   *   *

حذفوا أحرفك السوداء
جرفوا طين الأرض الحبلى بتراثك
ميراث الأبناء
وأنت تعافر كي تتنفس …. تأكل
وتكابر
تسوق الحجة بعد الحجة
كي لا تفعل
لا تملك إلا أن ترتمي كجثة
وتداعب جسدا مكدودا مثلك
أنهكه اللا فعل
لكي تتكاثر!



*   *   *

أقدم .. لا تجبن
ما هي إلا بعض قشور فوق الجسد المتعفن
غطوك بها أملا في أن تبدو براقا
يكسو هامتك الألق الممجوج كشيخ عاهر
تركوك تظن بأن اللمعة نور
يسطع من جوفك
رائحة العفن بخور
يصدر عن فيك الأبخر
تركوك وأهلك
ككرات قشية تتقاذفها الريح
أقدم أو فاهلك


*   *   *


وأراك تعاتبني
تؤاخذني أني ألفيت الأرض خرابا فهربت
أقسم بالجمرة في كفي القابضة على ألم أبدي
أني ما أهملت
تشظيت تبددت
ففؤاد في حبة رمل
والكبد نثار في غيمة ريح وعفار
شمس حارقة فوقي
ورمال توشك أن تنصهر تكاد تضيء
لا يؤنس وحدتها إلا قدماي الحافيتان
والساق العجفاء


*   *   *


في زمن مقبور فائت
كانت دعوتي إليك أن تحذو حذوي
الساق إلى الساق .. الكتف إلى الكتف
يا من قصرت وأهملت, تناسيت الوشم المحفور على جدران القلب
تنازع أطرافك كل جهات الأرض
فيومٌ شرقٌ
وثلاثةٌ أيام غرب

  
*   *   *

لكن الصحراء كعادتها ملأى بالأسرار.. حنونة
هي سكني وملاذي
في وقدتها بَرَدٌ
في قسوتها عطف الأم .. التحنان
وكعادتها ما زالت تتنفس عطر الأحباب
تردد رجع أهازيجَ
غنتها النسوة للأطفال
الصحراء على قسوتها البادية…
على قوتها الخرساء…
تنشد حكمتهم ..
من مّروا
       رسلا .. 
                آباء
كلمات تتخفى خلف محار اللؤلؤ في مشكاة الروح
صحراء تتحول في الضوء إلى منسأة تصلب ظهرا ينهد
تجعلني منصوب القامة
مرفوع الهامة
تتجلى في الليل وسادة .. مهادا للأحباب
تنبت رغم القيظ ورودا
تتلو أورادا
للناجين الفارين إلى رحبة ساحتها الغناء
الوارفة المثقلة بثمرات الحكمة
الصحراء .. متاهة ضوء لا أول فيه ولا آخر


*   *   *



لا أدعوك فمثلك لا يدعى
مثلك قد قبضت روحه
قد مات وإن مشيت قدماه
تتنقل في طرقات العجز اليومي
تسعد بفتات يبقى في طبق الأسياد
ملوك الدنيا الدنيا
لكني - وعِ ما تسمع -
أنظر في قلب الصحراء فأجد الماء
في قلب الأحفاد عيال الله
برءاء لم تتلوث مهجتهم
لم تتلون
في أنفاسهم الغيم
يتكون سحبا في الغد
تمسح ما يترك مثلك من أوساخ
وأراهم
برقا يوشك أن يحرق قشرتك البلهاء
وأراه قريبا
تنكشف الغيمة ويحط الرمل
تنزع ريحٌ ما حملت من قذر وغبار
ليعود ملاك الرب إلى الأرض
ويعود الوحي إلى الغار.

مما أنبأني العشب





ولأنّ الأرضَ خراب

مرت أشهر … أعوام

وهواء القرية 

- ذاك الأنقى والأطهر بين بقاع الأرض -

قد غلفه ضباب

فوق تراب البلدة .. يتشعب طحلب أخضر

لزج مهترئ كهلام

                    كدمٍ متخثر

          كبثور غطت وجها شيطانيا أدرم 

ولأن الطحلب ساد

صارت أقدام شيوخ القرية

                  - حين تحاول أن تتكأ علي وهن العظم …

                  تعافر…. كي تخرج لصلاة الفجر

                   كي يرضى الرب الغضبان -

صارت أقدامهمُ ساحة لهو للفطر الأخضر

            تنزف ألما .. تتمزق .. تتلاشى بُددا

لحم يتقطر

وعظام في غبشة ضوء الفجر تكابد ألا تتعثر

عشرات ممن نعرف عنهم تقوى الرب

قضيَت

وصار البعض - ومن فوق الركبة - أبتر

قضي الأمر

فانعقدت ألسنة النسوة..

عن ثرثرةٍ حمقاء كّفت

والثرثرة الحمقاء سمة في نسوة قريتنا

وانعقدت جلسة شورى العلماء

الصمت الحذر يسود

لا يقطعه غير الخطو الواهن للشيخ

مولانا نور الدين الأبلج

                - وهـذي سمة أخرى نتوارثها .. 

                   أن ندعو الأسود نورا

                  وكبير عصابات الشطار .. 

                  الكفَّ الأطهر -

قال الشيخ الأعظم .. الأكبر سنا والأمهر :

إن الخطب عظيم!

هتف الجمع :

              يامنجي يا الله

همهمة تسري في المجلس إعجابا… 

      بمكاشفة الخالق للشيخ بما يجري!

فتنحنح مولانا مزهوا :

لن أتحدث عما نفعل 

فأنا لم أخلع هذي الجبة منـذ الأمس..

وقضيت الليلة حتى الفجر

أتقلب في فرشي مهدودا من فكر

              - تهامس من يعلم من بعض شباب القرية 

                عن ولعٍ أسهَدَ مولانا

                فوق الفخذ الريان… لعروس بكر -

أسكتهم صوته….

يتفاخر …. تتقطر من فيه الحكمة:

نكسحها بخراطيم مياه

فالنيل بلا أول أوآخر .. لن يتأثر

ارتفعت كفٌ مرتعشة…  

شقت جو القاعة

في لين وميوعة

دل حرير عباءتها عن صاحبها الأخطر

رأس العسكر :

            لكن يا مولانا

           - والرأي لعظمتكم -

             ماقول سماحتكم

              أن نكسو أرض القرية بالكامل

              بالطمي الفائض من ترعتنا

               ينكتم الطحلب

             والنيل كما - قالت حكمتكم - فياض

                    والخير كثير

                      وأيادي عسكرنا  أكثر.

لحظات سكون

يقطعها صوت مبتور الأطراف إلى الجذع :

           الطمي وماء النهر؟!

           من دونهما ……..

           - وأنا لا أجزم فالأمر بكف الرحمن

           يقلب حكمته في قلب شيوخ الحكمة كيف يشاء -

           من دونهما .. الغلة لن تثمر

           وحدائقنا الغناء

           في أغلب ظني لن تزهر

           والرأي الأصوب

           أن يلبس كل شباب القرية في قدميه

           خفا صلبا .. مكسوا بحديد

           ويدوس يدبدب، فيدُكّ الأرضَ.

حاول شاب… اتسم ببعض هدوء وسلام

….. أن يعترضَ

أخرسه شيخ هرم : افعل ما تؤمر

وانفضت جلسة شورى بلدتنا عن تكليف بالبحث عن المعدن



يتناوب ليلٌ ونهارٌ دولاب الوقت

فتدور الأيام

والمعدن مرغوب يتدلل

لا يكشف وجها للطالب

غمزات النسوة تزداد .. تتهامس عن زمن العجز الليلي

اللا قدرة… زمن جاف

يمر الليل بطيئا والأرحام عجاف

تتذلل كي تروي عطشا

تنبت بذرا

يثمر أطفالا كي تنبعث البهجة من رقدتها

انتفض شباب القرية عن بكرتهم

حافين عراة

كان خروجا عن لا رغبة

انتفضوا من رهبة أن يدنو الأجل

ينقصف العمر

وشيوخ الشورى عن آخرهم هلكوا

سيرتهم يطمسها النسيان

وتراب الوقت يغطي بئر الحكمة

دبدبة حفاةٍ هزت قشرة أرض هشة

فانفجر البركان

وكان…

أن كسحت قريتنا حمم ودخان

لا لون هنالك غير الظلمة


عام مر ….  يتلوه الثاني والثالث والخامس عشر 

أحداث تجري … صور مرتعشة،

وخيالات في رأسي عن ثورة

بركان غاضب

عن يوم الحشر

عن موج ناري طهر جسد القرية

أزاحت موجات الحمم قشورا عن قيح فتطهر

انزاحت أدران وطحالب

عام مر

أقضي جُلّ نهاراتي في الحقل

أوشوش فرع نبات يهتز من الريح

من هذا النبت عَلمت القصة

سيرة آبائي

أنشد أغنيتي عن ألم الوحدة فيناجيني

يروي ما كان

وأنا أتعجب كيف لنبت أخضر أن يعرف معنى الغصة

ينبئني أن الأشجار العملاقة

مازالت يجري في لحمتها ذوب الحكمة

مازالت تروي الكلمة

تورثها للأجيال .. العشب الأخضر



في هدأة ما بعد البركان 

انشقت فوهة عن دود للأرض

قوم غرباء في حجم الأقزام

عراة إلا من لحية…

تكاد تلامس أطراف الأقدام

حتى النسوة غطاها الشعر الأسود من خلف

وانطلقت لحية….  لتغطي الأثداء

هتك الأقزام ستار القرية ..

ذبحوا الأطفال وعجبوا من ملبسهم

حين انتهكوا الفتيات ..

وأزالوا ستر الأغطية الكاسية عن الرأس

عجبوا من أنثى لا تنبت لحيتها كي تستر عورتها

بتروا ما نهد من الأجساد .. بترًا حتى الموت
وأنا الناجي الأوحد من أطفال القرية
مَن كُلِف - وهو ابن الخمسة أعوام
 برعاية حقل الحنطة 

الناجي الأوحد…  المتفرد في وحدته.

لم يأمرني الرب

 أن أصعد قمةَ جبلٍ في سيناء

أو أصنع سفنا تحمل ما شاء الرحمن

من أزواج الطير .. الإنسان.. الحيوان

تتناسل .. تتكاثر

فتعود تعمّر قربتنا

الناجي الأوحد

المتفرد في وحدته

يصنع لوحا طينيا .. يمسك قلما من غاب

يكتب تاريخا عن قرية

                   عن وطن كان.