العصافير الرمادية التي لا تحمل لونا .. والتي تتخذ من لونها تضليلا لأعدائها داخل أوراق الشجر الباهتة.. وعلى الأرض التي تحمل نفس لون العصافير.. ذكريات الطفولة معها لا تتجاوز ذكريات أي طفل.. محاولاتنا الفاشلة دوما لاصطيادها بالفخاخ المعدنية .. البحث عن دود يصلح كطعم.. والانتظار الطويل بلا فائدة.. لكن كان الأمر لا يخلو من متعة وإحباط وفرح.. متعة لهونا كأطفال وإحباط الفشل في الصيد والفرح بعدم اضطرارنا لذبحها إن سقطت في فخاخنا.
شكلها مذبوحة ومقيدة مجموعات من أرجلها في سوق الطيور بالعتبة صورة أخرى لم تكن تحرك الشفقة بقلبي.. كانت مجرد نوع من الطعام أتعجب ممن يطاوعه قلبه لالتهام هذه الكائنات الصغيرة الرقيقة..
كلما سمعت الحديث الشريف: (الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) كنت أرى تلك الأرواح تأخذ هيئة العصافير وتطير مزقزقة أزواجا في فراغ السماوات الرحب
تلك كل الصور التي وجدتها بذاكرتي عن العصافير الرمادية التي لا تحمل لونا مميزا..
فلماذا الآن.. بعد سكني الطويل للبحر.. وعشقي الذي كان لنوارسه البيضاء... لماذا حاولت العصافير الرمادية اختراق قلبي لتبني أعشاشا صغيرة دافئة لأفراخها.. ونجحت باقتدار..
لماذا هجرتني النوارس وألفتني العصافير؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق