الأربعاء، 20 يوليو 2011

عود ريحان أخضر

امتدت يدها تلتقط الجلباب الأسود من خلف الباب.. رغم حرارة الجو ارتدته فوق قميص البيت .. فكرت للحظة أن تخلع هذا وتلبس ذاك.. قالت لنفسها أن المشوار بسيط .. القميص قصير , واسع الصدر يكشف أكثر مما يخفي.. تحلم كل يوم أن يعود فيراها هكذا ..تهيء له المكان فتضع بعض أعواد الريحان الأخضر في كوب جوار السرير.. لتنعشهما الرائحة.. تأخذ ورقتين تدعكهما بين يديها وتمر على جسدها.. تتخيله ينظر لجسمها بشوق.. يترك ما في يده ليرتمى في حضنها .. تتركه يعبث كيف يشاء.. تصرخ بدلال حين يعتصرجسدها : اوع ايديك يا راجل.. ودائما تفوق من الحلم على جسده الثقيل يدخل في الموضوع مباشرة وكانه مقطوع الذراعين مبتور الشفاه.
خطفت شنطة السوق البلاسيكية وأغلقت الباب خلفها بهدوء حتى لا يستيقظ الصغار.. لم يترك لها سوى قروش قليلة عليها أن تتدبربها حالها طوال النهار حتى يعود فيجد طعامه جاهزا كالعادة.. تتفنن في إسعاد العيال تخرج من السوق بأشكال متنوعة من الخضار كل يوم .. وتجتهد ألا تنسى شراء القليل من الفاكهة لهم .. الباعة يعرفونها جيدا تشعر معهم بالألفة بأنها وسط أهلها فيتهاونون معها في السعر وفي الميزان .. أغلبهم ريفي – مثلها – جاء من أطراف المدينة يسعى طلبا للرزق.
دكان سيد الحرامي على ناصية الشارع .. لا تعرف لماذا اشتهر الرجل بهذا الاسم بهذه الصفة, وهي لم تلحظ يوما أنه زاد سعر شيء أو غالطها مرة في الحساب .. حتى أن لحيته , التي دائما ما تكون مهذبة, وبياض وجهه, يشعراها دوما أنه انتهى من صلاته حالا .. اعتادت أنه تناديه بعم سيد كما يناديه الأطفال رغم كونه يكبرها بسنوات معدودة ..
أخذت قرطاس السكر وأخرجت من الشنطة زجاجة الزيت الفارغة ليملأها .. يضع طرف القمع الصفيح في الزجاجة بحرص ويملأ المكيال .. يصبه في الزجاجة فيسيل الزيت في الداخل بهدوء.. نصف كيلو فقط هو ما تقدر على دفع ثمنه .. تطلب منه بدلال أن يتوصى .. فيضع القليل مبتسما .. أنت تأمري يا ست الكل.. تلمس كفه يدها وهو يناولها الفكة.. باقي الحساب .. تجد الكلمة واقفة على طرف لسانها .. اوع ايدك يا راجل .. لم يخرج حرف من فمها .. امتلأت عيناها بالدموع.. واختنق صوتها تشكره.
في طريق عودتها أحكمت غلق زجاجة الزيت وأفسحت لها مكانا جوار الخضار .. حملت ما اشترته بيد واحدة حتى تستطيع بالأخرى أن تمسح دمعة تحاول أن تسقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق